في ماذا تستعمل مبالغ الضرائب ؟

سنتناول في هذه الفقرة أهم الوظائف التي تقوم بها الضريبة من أهمها

الوظيفة المالية: ونقصد بالوظيفة المالية ان الضريبة تشكل ايرادا للخزينة العامة، وتستخدم لتغطية النفقات العامة.ولقد افرطت السياسات الاقتصادية للدول في النظر إلى الضريبة باعتبارها مصدرا للايرادات العامة، وبغض النظر عن الاثار الاقتصادية والاجتماعية السيئة التي يمكن ان تنتج. وعلى سبيل المثال تشكل الضرائب غير المباشرة موردا مهما لخزينة الدولة وتلجأ الدول إلى فرضها نظرا لحصيلتها الوفيرة، الا انها لا تحقق العدالة الضريبية فهي تفرض بمعدل واحد ولا تراعي الأوضاع الشخصية والعائلية للمكلف، في حين ان الضرائب المباشرة أكثر عدالة، ولكن بالرغم من ذلك لا تستطيع الدول إلا أن تفرض مجموعة كبيرة من الضرائب غير المباشرة بهدف تأمين أكبر حصيلة ضريبية من شأنها ان تغطي النفقات العامة، اي ان الدول تنظر إلى الوظيفة المالية في هذه الحالة أكثر من النظر إلى الوظائف الأخرى.
الوظيفة الاقتصادية: تشكل الضريبة اداة من الأدوات التي تمتلكها الدولة للتأثير على الاقتصاد بهدف تحقيق الاستقرار الاقتصادي وتحقيق معدلات مرتفعة من النمو، ولهذه الوظيفة مظاهر متعددة من أهمها
أ- في حالة الانكماش: تكون في ظل هذه الحالة كمية النقود المتداولة محدودة ولا تتناسب ابدا مع كمية السلع والخدمات المنتجة والمعروضة للبيع، وفي هذه الحالة على الدولة زيادة انفاقها لتعزيز الكميات النقدية والحد من فرض ضرائب جديدة بل عليها خفض المعدلات الضريبية وزيادة الإعفاءات بهدف خلق توازن جديد يعيد الأوضاع الاقتصادية إلى الاستقرار.
ب- في حالة الانتعاش: وتتصاعد الكميات النقدية في ظل هذه الحالة ويخشى ان تبلغ حدا تتجاوز فيه الكميات المعروضة من السلع والخدمات، مما يؤدي إلى ان تزاحم كميات كبيرة من النقود المتداولة كمية محدودة من السلع والخدمات ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار والوقوع في التضخم الذي يؤدي إلى فقدان النقود لقوتها الشرائية، ويأتي في هذا المجال دور الضريبة التي تمتص فائض الكميات النقدية وذلك عن طريق فرض ضرائب جديدة أو زيادة معدلات الضرائب القائمة، من اجل اعادة التوازن للاقتصاد الوطني.
ج- حماية الإنتاج الوطني: تستخدم الدولة الضريبة خصوصا الرسوم الجمركية التي تفرض على السلع والخدمات عند عبورها لحدود الدولة، بهدف حماية الصناعات الوطنية خصوصا الناشئة منها. لان فرض الرسم الجمركي على السلع المستوردة سيؤدي إلى رفع ثمنها وبالتالي تفقد هذه السلع مقدارا معينا من قدرتها التنافسية وتسمح ببيع المنتجات الوطنية باثمان منافسة تحقق للمشاريع الوطنية الدخل المرتفع وللعمالة المحالية فرص عمل جديدة ومداخيل مرتفعة، وبالتالي تساهم الضريبة في نمو الاقتصاد وتطوره.
د- الإعفاءات الضريبية: ان من شأن اعفاء بعض المشاريع الاقتصادية من الضريبة سواء بصورة دائمة أو مؤقتة إلى تعزيز الصناعة المحلية وتوجيه المستثمرون إلى مشاريع اقتصادية تشبع حاجات عامة للمواطنين بدل من اشباعها من شركات اجنبية تستحوذ على القسم الأكبر من القيمة المضافة

الوظيفة الاجتماعية: تهدف الضريبة إلى تحقيق الاستقرار الاجتماعي، واعادة توزيع الدخل بين طبقات المجتمع، ومن أهم مظاهر الوظيفة الاجتماعية للضريبة

أ- اعادة توزيع الدخل: ينتج الدخل عن عناصر الإنتاج وملكية هذه العناصر متفاوتة بين الناس، ما يؤدي إلى خلق طبقات اجتماعية متعددة، وعلماء الاجتماع يرصدون ثلاث طبقات الطبقة الدنيا أو الفقيرة، الطبقة الوسطى، والطبقة الغنية. وفي المجتمعات الرأسمالية تسيطر الطبقة الغنية على عناصر الإنتاج وهذا هو مصدر غناها، في حين تقدم الطبقة الفقيرة عنصر العمل مقابل اجور محدودة لا تمكنها من تأمين حاجاتها الأساسية، مما يولد لديها مشاكل اجتماعية تؤثر على المجتمع برمته، لذلك على الدولة التدخل من اجل اعادة توزيع الدخل وذلك عن طريق فرض ضرائب بمعدلات مرتفعة على الطبقة الغنية، واعفاء الطبقة الفقيرة من الضريبة أو فرضها بمعدلات منخفضة. ويجب أن تنفق الحصيلة الضريبية على الحاجات الأساسية لهذه الطبقات المحرومة من خلال مساعدات اجتماعية وتأمين الخدمات الصحية والتعليمية والاسكانية. وبالتالي فان تصاعدية الضريبة هي الاداة الفاعلة لاعادة توزيع الدخل. بحيث يزيد معدل الضريبة كلما ارتفع دخل المكلف
ب- تحقيق العدالة الاجتماعية: تسعى الأنظمة الضريبية عند فرض الضرائب إلى مراعاة الأوضاع الاجتماعية للمكلفين وذلك من خلال عدة وسائل أهمها

 مراعاة الاعتبارات الشخصية والعائلية: تعمد معظم الأنظمة الضريبية إلى اعفاء حد معين من الوعاء الضريبة وذلك وفقا للاعتبارات الشخصية والعائلية للمكلف، وفي لبنان نطلق على هذا الإعفاء تسمية التنزيل العائلي الذي يختلف وفقا للوضع العائلي للمكلف فاذا كان المكلف اعزب ينزل من دخله سبعة ملايين ونصف المليون واذا كان متزوج يضاف إلى تنزيله 2,5 مليون شرط ان تكون زوجته لا تعمل كما يستحق عن كل ولد نصف مليون إلى حدود خمسة أولاد فقط

 إعفاء السلع والخدمات الأساسية من الضريبة: تعفى السلع التي تكون على تماس مباشر مع معيشة المواطن من الضريبة خصوصا الضريبة على المبيعات أو الضريبة على القيمة المضافة، وفي لبنان تعفى الخضار والفواكه غير المصنعة من الضريبة على القيمة المضافة كما يعفى السكر والارز واللحوم، كما يعفى نشاط التعليم من ضريبتي الدخل والقيمة المضافة، كل ذلك بهدف مراعاة الأوضاع الاجتماعية للمكلفين وتحقيق العدالة الضريبية

 الاعتماد على الضرائب المباشرة: مما لا شك فيه ان الضرائب المباشرة تراعي الأوضاع الاجتماعية للمكلفين، فتطبق الضريبة التصاعدية على مجموعة كبيرة من ضرائب الدخل وضريبة التركات وضريبة الأملاك المبنية. كما تأخذ بالتنزيلات العائلية التي تراعي أوضاع المكلفين الشخصية والعائلية. هذا يعني ان الضرائب المباشرة أكثر ميلا لتحقيق العدالة الاجتماعية

 الحد من الضرائب غير المباشرة: تعتمد الضرائب غير المباشرة على معدلات ثابتة تطبق على جميع الملكفين بغض النطر عن مقدرتهم التمويلية، كما لا تتضمن تنزيلات واعفاءات تراعي الأوضاع الشخصية والعائلية للمكلفين. ما يعني ان الضرائب غير المباشرة لا تحقق الوظيفة الاجتماعية وتميل إلى تحقيق الوظيفة المالية للضريبة. إلا أن معظم الدول الرأسمالية تضطر إلى الاعتماد على هذه الضرائب من اجل تأمين الموارد المالية لتغطية نفقات الدولة، ما يعني ان تغلب الوظيفة المالية مكرهة بهدف عدم الوقوع في العجز المالي الذي يمكن ان يؤدي إلى تدهور أوضاع المالية العامة ويؤثر على الاقتصاد الوطني برمته. (مقتبس عن محاضرة للدكتور مروان القطب

ومن هنا ظهر مبدأ وظيفية الضرائب، حيث أنه لكل ضريبة أثر ما على النشاط الأقتصادي للدولة وبذلك لا يمكن فرض الضرائب لمجرد تحصيل الأموال حيث قد تكون الضريبة ذات حصيلة عالية كالضرائب على الدخل والتركات، ولكن أيضا ذات آثار اقتصادية غير مرغوبة بل وضارة بالنشاط الاقتصادي للدولة

فمثلا فرض ضريبة على مدخرات المواطنين قد يوفر للدولة حصيلة كبيرة ولكنه في الوقت ذاته سيدفع المواطنين لإخفاء مدخراتهم وإبعادها عن النشاط الاقتصادى لتجنب دفع الضريبة وبالتالى سيخسر الاقتصاد هذه المدخرات. في حين ان فرض ضريبة على الموارد العاطلة (كالأراضي والعقارات غير المستخدمة) قد لا يوفر للدولة حصيلة كافية ولكنه سيدفع المواطنين لاستغلال مواردهم وممتلكاتهم لتجنب دفع الضريبة وبالتالى تسهم الضريبة في تحسين استغلال موارد الدولة


Résultat de recherche d'images


Comments

Popular posts from this blog

M'dina Bus: "Without sharing this video, we probably would not have known about this case" (MAINTENANCE)

How to distract people from the internal problems of their country?

The Horrible history of the Christians, who invented the word 'Terrorism' against Islam.